هواتف، شاشات تلفزة، كاميرات، آلة فاكس، آلات حاسبة، كومبيوتر، أقراص مدمجة، آي بود، آي باد، آي فون.. هذه ليست دعاية للأجهزة الإلكترونية، بل هي تعداد لبعض الأجهزة التي تحيط بنا أينما كنّا والتي بحسب الأرقام الصادرة عن الأمم المتحدة سيتضاعف نسبة أعداد مبيعاتها إلى حوالي 500% في السنوات العشر المقبلة في الدول المتطورة ومنها لبنان. هذا مؤشر جيد عن مدى للتأقلم مع التكنولوجيا الحديثة، ولكن هل وقفنا لمرة وسألنا أنفسنا عن ما يحصل عند الإنتهاء من استعمال تلك الأجهزة؟ أغلب الظن أن تلك الأجهزة سوف تذهب إلى مكب النفايات، وهذا صحيح ولكن إزدياد أعداد تلك الأجهزة الإلكترونية سيخلق مشكلة بيئية إقتصادية وذلك بحسب تقرير الأمم المتحدة للبيئة الذي يشير أن العالم سيشهد استفحالاً لمشكلة النفايات الإلكترونية خصوصاً أن نموها يزداد بحوالي 40 مليون طن للنفايات الإلكترونية سنوياً.
رئيسة مصلحة التخطيط والبرمجة في وزارة البيئة سناء سيروان أفصحت عن إفتقار الوزارة إلى مسح دقيق للنفايات الإلكترونية في لبنان، “إن الخطة التي وضعتها الوزارة وتعمل على تطبيقها في السنوات الثلاث المقبلة تتضمن بنوداً تتعلق بإدارة النفايات الخطرة، ومن ضمنها النفايات الإلكترونية” مؤكدة أن الوزارة لا تزال تخزّن في مستودعاتها كمية كبيرة من الحواسيب المنتهية الصلاحية، من دون أن تجد سبيلاً للتخلص منها. مشيرة إلى أن “البيئة مسؤولية جماعية والتدهور البيئي البالغ سنوياً 655 مليون دولار امريكي في لبنان لن يتوقف ما لم نعمل بايجابية”.
الحل كما تراه منسقة المشاريع في جمعيّة بيئتنا سمانثا عوّاد، يكمن في
إعادة تصنيع وإعادة تدوير المواد الإلكترونية وهو ما يسمى بالـ”إي سايكل” ،ومن خلال هذه العملية يمكن التخفيف من كميّة النفايات التي ترمى في المكبّات ومن المواد الكيميائية السامة التي تمتصها التربة. وتشير عوّاد إلى أن النفايات الإلكترونية هي “كل ما يحتوي على لوحة إلكترونية و/أو بطارية وقد تعرض للكسر ولم يعد صالح للإستعمال، وهذا النوع من النفايات يحتوي على أكثر من ألف نوع من المواد السامة والتي تبدأ بالتأثير المباشر على البيئة والإنسان منذ لحظة تلف هذه الأجهزة بشكل عشوائي”. أما الطريقة المثالية للتخلص من تلك الأجهزة الإلكترونية هي، كما تشرح عوّاد، “بإرسالها إلى عملية إعادة التدوير التي تتم عبر 4 مراحل هي إستخراج المواد السامة، تفكيك الأجهزة، تقطيعها، ومن ثم تكريرها”. على سبيل المثال، جهاز تلفزيون تفصل لوحات الدوائر الكهربائية عن أنبوب الذي يحتوي على المواد السامة اما علبة التلفاز فتفكك وتفرز يدوياً ليحصل فيما بعد تقطيع ميكانيكي ينتج عن ذلك مواد حديدية، نحاس، الومنيوم، بلاستيك وغبار، ومن ثم كل عنصر من العناصر يعاد إستعماله لدى تصنيع جهاز إلكتروني آخر
.
وتلفت عوّاد إلى أن الخطوة الأساسية للبدء بعملية إعادة التصنيع هي من خلال تجميع تلك الأجهزة في المراكز التي خصصت من أجل هذا الامر والتي تتوزع في أكثر من 60 نقطة تجميع في كافة أنحاء لبنان والتي يمكن الإطلاع عليها من خلال الدخول إلى الموقع الإلكتروني www.ecycle-me.org، وبعدها تأخذ هذه الاجهزة إلى مستودع يقع في منطقة الجديدة حيث تتم عملية تفكيك هذه الاجهزة لكي يعاد تصديرها إلى شركات متخصصة في الدول الأوروبية.
وبحسب دراسة قامت بها جمعية بيئتنا، أضاءت الأرقام على أن أكثر من 60% من النفايات الإلكترونية في لبنان ترمى مع النفايات العادية في حين أن منطقة النبطية هي من أكثر المناطق تصديراً للنفايات الإلكترونية. من جهته يحدد المتحدث بإسم البرنامج البيئي للأمم المتحدة UNEP ساتوانت كور إلى أن عملية إعادة التصنيع للأجهزة الإلكترونية ومن ثم نقلها لتعاجل في أوروبا تخضع لإتفاقية بازل التي صدرت عام 1992، التي تلزم إدارة النفايات الخطرة والتخلص منها بطريقة سليمة بيئياً، لافتاً إلى أنه بحسب تقرير صادر عن أمانة اتفاقية بازل فإن هناك 8.5 مليون طن من النفايات الخطرة التي تنتقل من بلد إلى آخر كل سنة، ولذلك “بات على المواطن اللبناني الإنتباه إلى الخطر القادم من النفايات الإلكترونية قبل أن تضاف إلى سلة المشاكل البيئية التي تحيط ببيئة لبنان وشعبه”.
تنص المادة الثالثة من قانون حماية البيئة الصادر عام 2002 إلى أنه “من حق المواطن الحصول على بيئة سليمة ومستقرة، ومن واجب كل مواطن السهر على حماية البيئة وتأمين احتياجات الأجيال الحالية من دون المساس بحقوق الأجيال المقبلة” لذا يبدو أنه على اللبناني أن يمر بطريق طويلة ولكن سهلة نسبياً للحفاظ على بيئته من الدخول أكثر واكثر إلى نفق مظلم من خلال اتباع بعض الأساليب التي تساعده مع الاجيال القادمة على البقاء على الحياة ولكن هل تحين لحظة الإستيقاط تلك؟