معركة “الثلاثين يوماً” تبدأ الأحد

خلال زيارته للبرازيل، أكد رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان على أن “لبنان منهمك في إعادة تكوين مؤسساته”، هذا الإنهماك سيستمر طيلة شهر أيار بشكل أساسي والسبب هو الإنتخابات البلدية والإختيارية التي تقع أيام الآحاد من هذا الشهر، وبحيث تنقسم مواعيد الإنتخابات على الشكل الآتي: محافظة جبل لبنان في 2 أيار، محافظتي بيروت والبقاع في 9 أيار، ومحافظتي الجنوب والنبطية في 23 أيار وتبقى محافظة الشمال الأخيرة في 30 أيار.

مع إنتهاء مهلة سحب الترشحيات في أقضية جبل لبنان، تبدأ عملية ولادة عشرات المجالس البلدية والإختيارية الجديدة التي فازت بالتزكية على أن تكتمل تشكيلات المجالس الجديدة في اليوم التالي من الإقتراع مع إنتهاء فرز الأصوات وإعلان النتائج. ولكن الجو التوافقي الذي تكلم السياسيون عنه في البدأ سرعان ما تبدد مع إقتراب موعد المنتظر في أكثر من مدينة وقرية وهذا مرده إلى عدة عوامل منها المحاصصات السياسية بين الأحزاب الموجودة على الأرض، ومن ثم الحساسيات العائلية التي يعود بعضها إلى عشرات السنين.

بما أن أولى الجولات الإنتخابية هي في محافظة جبل لبنان، فمن خلال نظرة سريعة يمكن ملاحطة أن المعارك الإنتخابية أغلبيتها ستحصل في القرى والمدن المسيحية بين مسيحيي 14 آذار ومسيحيي 8 آذار بينما يغلب الطابع التوافقي على المناطق المسلمة. “خلصت الإنتخابات!”، بهذه الكلمات لخّص ابراهيم الزعرت، 24 سنة، الأحاديث الإنتخابية التي تجري في منطقته والتي انتهت إلى التوافق على لائحة واحدة قائلاً أن “عملنا داخل المنظمات الشبابية أفضى للوصول إلى هدفنا وهو التوافق بين كل المرشحين على تشكيل لائحة واحدة من أجل إبعاد المشاكل بين الأهالي ونبذ التفرقة والحساسيات بين العائلات. في الإطار نفسه يشير شكيب حمزة، 26 سنة، من منطقة تم التوافق أيضاً على مرشحينها للإنتخابات، بأن كرامة العائلات هي العصب الذي يحتد به الأفراد وليس التيارات السياسية أو المذهبية، فاللوائح من 8 و14 آذار كما انها مختلطة من مسيحيين ومسلمين واللائحتين تنادي بالعيش المشترك وبالإنماء، مؤكداً أن لا سياسية فعلية في تشكيل اللوائح الإنتخابية سوى سياسة العائلات. من ناحية أخرى يرى علي سعد، 22 سنة، أن التوافق ليس سوى تفريغ للعملية الديمقراطية لأنه “لا يد أن يكون هناك من يعارض المرشحين”، كما يقول، معتبراً أن ما يسمى بالائحة التوافقية هو “رأي عام منقوص”.

مشهد من الانتخابات
مواطنة تضع صوتها في الصندوق الإنتخابي-الجزيرة.نت

في سياق آخر كادت بعض المناطق أن تفوز لوائحها بالتزكية لولا وجود بعض المرشحين المنفردين الذين يؤمنون بأن التوافق ليس الحل وعلى الشعب أن يختار وليس أن يوافق على ما هو مطروح أمامه، ديالا بو عرم، مرشحة عن منطقة البعاصير-إقليم الخروب، التي ما زالت مرشحة للإنتخابات بوجه لائحة تم التوافق عليها برئاسة أمين رامز القعقور، عند الإتصال بها، لفتت إلى أنها مدركة بان حظوظ خرقها لتلك اللائحة متدنية ولكن ترى أنه يجب أن يكون هناك طرفان في الإنتخابات ويجب ان يكون طرف أفضل من طرف، هي، الآتية من خلفية عمل إجتماعي وثقافي، ترى أن من هم على تلك اللائحة ليس لديهم أي فكرة عن العمل التنموي وأي فكرة لمشروع يهدف إلى رفع الوعي عند الناس و”لهذا السبب أنا ما زلت مرشحة للإنتخابات، لكي أعرف من هو ضد هذا التوافق الذي لا رؤية مستقبلية له سوى رفع شعارات مجردة مثل “التنمية” و”العيش المشترك” والتي، إن ربحوا الإنتخابات، ستظل شعارات مجردة بحيث لا يمكن أن تجد القضايا المستعصية طريقها إلى الحل إلا بجعل المجرد يتحول إلى ملموس”.

معركة ” الثلاثين يوماً” تبدأ الأحد 2 أيار وتنتهي في 30 منه، شهر يحتدم التنافس فيه في مناطق معينة ويسود التوافق في مناطق أخرى، بين 7507 مرشّح في جبل لبنان، بحسب أرقام وزارة الداخلية، على 3528 مقعداً في 313 بلدية، في ظل تحالفات مختلطة بين السياسية والعائلية والتي قد لا تتلور نهائياً إلا قبل ساعات من فتح صناديق الإقراع أمام الناخبين في ظل استمرار الكلام حول التغييرات في التحالفات السياسية في المحافظة بين الأحزاب والتيارات وبين من انقلب في السياسة ولكن بقي جمهوره في مكان واحد وبين المستقلين.

نشر على موقع “لبنانيون” – 30 نيسان 2010