هل رأيتم يوماً بسمة إنسان نسي معنى الفرح؟
هل لمستم يوماً أمل في شخص نسي طعم الحياة؟
هل فرحتم يوماً بالحصول على دعاء صالح من شخص غير معروف؟
هذا الشعور الذي قد تشعرون به هو من أجمل أنواع المشاعر التي قد تنتاب لكتلة المشاعر والأحاسيس التي تسمى إنسان.
والأجمل من هذا الشعور كله بكافة إيجابياته هو المشاركة في صنع هذا الشعور، هو إحساس “أنني قد شاركت في صنع هذا الأمل”.
وهذه المسألة بأهميتها الكبيرة تقتصر على شيء واحد، وهو مشاركة كل شخص بطريقة أو بأخرى عبر مساعدة شخص آخر بحاجة إلى العون بأي مشكلة كانت، مادية أو معنوية، والأمر ليس به أي تفرقة. فالعوز بكافة أطيافه يبقى عوز. كما ان المساعدة مهما كانت بسيطة وصغيرة تبقى مساعدة.
الأمر يختلف قليلاً عن مفهوم مساعدة إمرأة عجوز غريبة على قطع الطريق السريع بسلامة، الأمر يتعلق بشيء أكبر وهو مساعدة شخص يطلب يد العون والأكبر أيضاً هو مساعدة شخص ترى أنه بحاجة إلى مساعدة ولكن لم يطلب ذلك علناً.
يتميز المجتمع بشكل عام بإختلاف في الطبقات الإجتماعية والمستويات الإقتصادية وغيرها من الأمور، وهذا ينتج بطبيعة الحال اشخاص قد يكونون قادرين على حلحلة أعمالهم وتطلباتهم أكثر من أناس آخرين. وهنا يمكن النظر إلى مضمون مبدأ مساعدة الآخرين.
فالمساعدة التي يتم التطرق إليها ليست أبداً المساعدة المادية فقط، بل هي المساعدة المعنوية، مساعدة “الوقوف بجانبك في أحلك الظروف ” هي هذا النوع من المساعدة السامية التي لا تنتظر من وراءها أي مقابل.
فإن كنت تلميذاّ في المدرسة أو طالباً جامعياً، يمكنك ودون أي مجهود أن تحدد إن كان هناك من هو بحاجة إلى مساعدة في أي مشكلة كانت وبوسائل شتة، طالما انها لا تتخطى منطق والمعقول. وأيضاً إن كانت فرداً عادياً فقيراً لديك العديد من التطلبات فأنت أيضاً يمكنك المساعدة.
أبسط أنواع المساعدة هي إمتلاك فن الإستماع إلى الآخرين، فن الإستماع إلى مشاكل الناس من أفواه الناس، وهنا لا يتم التطرق إلى مراقبة مشاكل الناس فهذا شيء آخر، الإستماع إلى ما يريد الفرد قوله، إلى المشكلة التي يريد أن يناقشها مع الآخرين، إلى المسألة التي يريد أن يبوح بها وأن لا يبقيها في قلبه، إلى الفرح الذي يريد أن يشارك الآخرين بها.
نوع آخر من الساعدة هي عبر تقديم خدمة قد تكون بسيطة جداً ولكن تترك أثراً كبيراً، قد يطلب منك شخص ما خدمة أو عمل صغير، فلا تتأخر في تنفيذه، فكما هو يحتاج إلى مساعدة، فلا بد أن يأتي يوم قد تحتاج انت إلى مساعدة، وبتحريف صغير عن المثل المشهور، يجب على كل فرد إتباع قاعدة “عامل الناس كما تتمنى أن يعاملوك”، نعم، كما تتمنى، فليس هناك من شخص – سليم العقل- قد يتمنى السوء لنفسه.
يمكن أيضاً المساعدة عبر إحدى المهارات أو المعارف التي يملكها الفرد ويمكن تسخيرها في مساعدة شخص آخر. وقد تكون ربما بشكل بسيط جداً على المثل التالي: قد تكون أنت بارع في اللغة الإنكليزية، وقد يطلب منك تصحيح إحدى النصوص الإنكليزية لأحد الأفراد. قد يأخذ منك الامر بعض الوقت ولكن تكون قد أديّت خدمة كبيرة لهذا الشخص دون أي مقابل.
ولان المسألة الأهم في كل هذا الأمر هو كيفية التدخل لمساعدة الآخرين، وخصوصاً من الأـشخاص الغرباء بعض الشيء، فهناك ما يمكن إطلاق تسمية “قواعد التدخل” للولوج في أي حديث يراد منه في نهاية الأمر الوصول إلى حل ما يمكن المساعدة به وهي كالتالي:
- دع الشخص الآخر يتكلم ويتحدث عن نفسه، فهذا الامر يريحه ويشعره أن هناك من يريد أن يستمع إلى مشكلته.
- إستنطقه، فإن رأيته توقف عن الكلام، إجعله يتكلم أكثر عبر طرح أسئلة مفتوحة.
- تقبّل كل ما يقوله ولا تستغرب منه أي شيء، فالأمور حدثت معه وهو أدرى بها.
- اجعله يشعر باهمية المشكلة التي يواجهها، ولو كانت تافهة ولكن لا تحملها أكثر من ما تحمل.
- لخّص ما يقوله بين الحين والآخر، وحتى لو استخدمت الكلمات نفسها.
- لا تعطي أبداً أي وعود بالحل، ولكن افتح باب الحلول أمامه.
- حوال إبعاد الكلام عن العموميات والتهويل (حياتي كلها تعيسة، لم أعش الفرح يوماً…).
- حاول الوصول إلى طرق لمعالجة سبب الفعل وليس ردة الفعل.
- إجعل الفرد يستخرج الحلول وأن يضع الإحتمالات الإيجابية للأمور، ولكن دون وضع حلول مثالية.
- البقاء على التواصل، على الأقل حتى تنتهي المشكلة.
وفي النهاية ما يمكن قوله، إن لم يكن لديك طيبة قلب فأنت تواجه أقسى أنواع أمراض القلب ويجب التذكر دائماً أن الأمنيات عديدة وتمنيات كثيرة، ولكن فرحة وبسمة شخص نسي طعم الحياة تغنيك عن كنوز الدنيا.