مكة تشهد علامات يوم القيامة: المياه والنيران من نبع واحد

يبدو أن يوم القيامة اقترب، لاسيما لأولئك الذين ما فتئوا يستمتعون بمزج مواد بصرية مع قصص دينية وقراءات من الكتب المقدسة، وهذا ما بدا مع ما يتم تناقله عبر العديد من منصات التواصل الإجتماعي عن مشهد مثير يجمع الماء والنار بمثابة إشارة عن “أحد علامات الساعة”.

وكان وصلني على تطبيق واتساب مقطع مصور تظهر فيه النيران تتصاعد من جوف في الأرض، بنفس الوقت الذي تخرج منه المياه، وأرفق معه النص التالي:

في مكة… ظهور نبع مياه وتصاعد نار من نفس المكان!

في القرآن الكريم مذكور أن الجمع بين عنصري الماء والنار من المستحيلات… وهو من علامات الساعة!

الله أكبر… وهو على كل شيء قدير!

معجزة المياه والنيران 

أول خطوة يمكن الانطلاق منها هو تعبير “الجمع بين عنصري الماء والنار” وإذا كان الأمر ممكناً بالحالات الاعتيادية.

وسرعان ما استطعت التذكر أن البراكين المنتشرة حول الكرة الأرضية يقع عدد منها بجانب البحار والمحيطات، وغالباً ما تسيل الحمم من فوهة البركان وصولاً إلى المياه، وهذه الظاهرة مستمرة منذ تاريخ تكوين الكرة الأرضية، أي منذ العصور التي شهدت على سير الديناصورات على نفس الأرض التي نعيش عليها الآن.

والمشاهد التالية مأخوذة من الحمم البركانية الـ”لافا” وهي تسيل من بركان كيلاوا في ولاية هاواي الأمريكية وتصب في المحيط الأطلسي منذ بضعة أشهر.

الخطوة الثانية هي التعرف على ما يقال في خلفية الفيديو، وأمكن من خلال بحث بسيط الوصول إلى أن ما يسمع هو تلاوة لسورة قرآنية بعنوان “القيامة”، الخالية من أي ذكر عن الجمع بين المياه والنيران.

سورة القيامة

وفي إطار ذكر علامات الساعة، تخلو تلك المذكورة، على الأقل في موسوعة ويكيبيديا، من أي إشارة إلى الجمع بين المياه والنار وأي شيء يتعلق بهذا الأمر.

علامات الساعة في الإسلام – ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

مشاهدات الفيديو

بعد مشاهدة الفيديو أكثر من مرة، ومع صعوبة التحقق بشكل كامل من الأصوات المسموعة في المقطع المصور، إلا أنه كان بالإمكان، نوعاً ما، القول إن اللهجة المستخدمة لم تكن سعودية، كما أنه لم يظهر سوى رجل واحد، المسن، يرتدي الزي تقليدي، فيما الجميع يرتدي تي شيرت وجينز وهو أمر لا يمكن أن يتواجد بهذه الكثرة لو كان الأمر في المملكة العربية السعودية.

ومن خلال استخراج صورة ثابتة للفيديو المتداول، كان من الصعب تحديد المكان الصحيح لهذا المكان الظاهر، إذ أن الطبيعة الجردية / الصحراوية تشبه إلى حد كبير المنطقة كلها في شبه الجزيرة العربية.

بالعودة إلى النص المتداول، أي “الماء والنار”، يمكن البحث عن طريق موقع فيسبوك، الأكثر استخداماً في العالم العربي، حيث يتبين أن المقطع المصور نفسه، تم إعادة نشره تحت العديد من المسميات، أغلبها تتمحور حول علامات الساعة والربط الديني لهذا المشهد.

نتائج البحث في فيسبوك

التحديد الجغرافي 

وبان إلى السطح أثناء محاولة البحث عن المصدر الأول لهذا الفيديو، أو على الأقل نسخة الفيديو المصورة من دون صوت الآيات القرآنية، معلومة مختلفة، تفيد بأن هذا المشهد المميز تم تصويره في كردستان العراق.

ومع الانطلاق بعملية بحث جديدة تستخدم فيها تعابير “مياه” و”نار” و”كردستان”، أمكن الوصول إلى مجموعة متنوعة من مقاطع الفيديو المأخوذة لنفس المكان ولكن من زوايا مختلفة، الأمر الذي يعزز من فرضية أن هذه المشاهد هي فعلاً من كردستان، وليس من مدينة مكة، وذكر بعض هذه المقاطع أنه تم أخذها تحديداً من منطقة السليمانية.

ومن بين نتائج البحث، كان هناك خبر منشور على موقع قناة “أن آر تي” الإلكتروني، يفيد بأنه بعد أن تم “رفع حظر حفر الآبار .. في قضاء جمجمال التابعة لمحافظة السليمانية، .. قام مواطن بحفر بئر عمقه 90 متراً، فجأة وفي طريقة نادرة تدفقت المياه بطراوة كبيرة من دون الحاجة إلى مضخة سحب المياه.. ويعود إلى وجود ثروات طبيعية ومنها الغاز داخل هذه الأراضي، بعد أن تزامن خروج النار والماء بنفس الوقت”.

حوادث معتادة بسبب طبيعة الأرض

وإن دل الأمر على شيء، فهو أن هذه الحادثة بإمكانها أن تتكرر في أكثر من نقطة داخل هذه البقعة الجغرافية.

وعبر إعادة البحث بالكلمات المفتاح الجديدة “جمجمال” و”ماء” و”نار” أمكن مشاهدة كم كبير من المقاطع المصورة لهذا النبع الغريب من نوعه.

نتائج البحث على يوتيوب

ومن بين تلك الفيديوهات على موقع يوتيوب، يظهر تقرير خاص معد من قبل قناة الجزيرة قبل قرابة العامان يؤكد صحة تلك المشاهد وكونها تحدث في محافظة السليمانية العراق، وليس من مدينة مكة في السعودية.

ويشار إلى أن ظاهرة خروج النيران والمياه على هذا الشكل أو حتى المياه بشكل قوي من باطن الأرض، هو أمرٌ يحدث على الدوام بعد اكتشاف جيوب في باطن الأرض تخزن الغاز الطبيعي كما المياه الجوفية في آن واحد، وأمكن العثور عن طريق الصدفة على مقاطع أخرى، هذه المرة في اليمن، تفيد بالأمر سيان عن خروج المياه بدفق قوي من باطن الأرض، ولكن عمد الشخص الذي رفع الفيديو إلى كتابة عنوان خاطئ عن خروج النيران مع الماء بالوقت عينه.

هل لديك مواد مشكوك بأمرها وتريد التحقق منها؟ أرسلها لي عبر تويتر او فيسبوك للتأكد من صحتها.