هل تذوقتم عسل خنجر مؤخراً؟ إنه عسل “أخو شرموطة”، نعم هذا هو الشعار الذي رفعه المصنّع على غلاف المرطبان الذي أصبح محط إعجاب وسخرية بالوقت عينه من قبل اللبنانيين وبعض العرب.
صورة المرطبان التي لم يُعرف من كان ناشرها الأول، سرعان ما انتشرت على صفحات وحسابات مواقع التواصل الإجتماعي.
وحازت الصورة على العديد من التعليقات المتنوعة ما بين الساخرة من اللجوء إلى هكذا شعارات للدلالة على الجودة، وبين تعليقات تطالب بمعرفة الأماكن والمحال التي تبيع هذا النوع من العسل.
ولم يكن شعار “أخو شرموطة” هو الوحيد الذي جذب أعين مستخدمي مواقع التواصل فقط، فالتعريف المكتوب على المرطبان كان لافتاً أيضاً.
“خنجر
عسل أخو شرموطة
من أنظف مراعي الزهر الطبيعي في جنوب لبنان، لا مضروب ولامغشوش ولا مبندق.
عسل مصفى عالطبيعة بدون ألاعيب وأفلام وخذعبلات وغلا غلا. منتج صافي 100%.
نتحدى أكبر راس أن ينتج عسل أنظف من هيك، فإستمتع بعسل خنجر وغمض عينيك.
الوزن الصافي: أبو نص كيلو”.
الغريب في الغريب
مع مرور الأيام، كان لافتاً بالنسبة لي أنه لم يكن هناك سوى صورة واحدة متداولة على الإنترنت، ولم تظهر أي صورة أخرى لهذا المنتج، أو معلومات حول أماكن بيع المنتج الذي كان واضحاً بأنه تم تصنيعه في “جنوب لبنان”.
ولذلك كان لا بد لي أن أبحث عن حقيقة تلك الصورة المزعومة لـ”عسل خنجر”.
مع انتشار الصورة بكثافة على عدد من وسائل التواصل الإجتماعي، خصوصاً فيسبوك، كان من الصعب معرفة مصدر هذه الصورة.
وحتى عمليات البحث على محرك البحث غوغل عن شركة “عسل خنجر” أو على أي صفحة أو حساب على فيسبوك بهذا الاسم، بالعربي وبالانكليزي، باءت بالفشل، إلا أن رامي فيومي، صاحب مدونة بلس961 أكد في إحدى تدويناته على أنه شكك في البداية بهذا المنتج، إلا أنه نقل عن منشور على موقع “ريديت” قول أحدهم بأن المنتج صحيح ويباع في المحلات بمنطقة البقاع، شرق لبنان.
العودة إلى الصورة
ولكن بسبب عدم مقدرتي التأكد من هذه المزاعم عبار زيارة البقاع كوني خارج البلاد ، عدت إلى الصورة المتداولة لإلقاء نظرة ثانية على الملصق حيث يمكن رؤية المزيد من التفاصيل حول المنتج.
هناك شعار الشركة على الجانب، إضافة إلى معلومات عن شركة “خنجر” في أسفل الملصق.
إنتاج طرّاف فارمينغ جوينت. ص.ب. 11 – 2090 بيروت، لبنان
بريد إلكتروني info@khanjarhoney.com.
بطبيعة الحال، كان اللجوء إلى الموقع الإلكتروني هو العمل الأول الذي يمكن القيام به.
ولكن المفاجأة كانت بعدم وجود موقع شغال بالعنوان المذكور. وفي محاولة لإزالة الشك بإمكانية وجود عطل تقني على الموقع، قمت بالبحث عن مالكي الموقع ، حيث كانت النتيجة بأن الموقع غير مسجّل ومستخدم وهو لا يزال معروضاً للبيع، فبالتالي العنوان الإلكتروني المنشور غير صحيح بتاتاً.
عدت إلى الشعار، حيث تقدم خاصية الصور في محرك البحث غوغل إمكانية الرجوع إلى الصورة نفسها بمقاسات وأحجام مختلفة وحتى صور شبيهة قد تساعد في تحديد الهوية الحقيقة لصاحب المنتج.
وعلى الرغم من إجراء بعض التعديلات عن طريق فوتوشوب على الشعار كي يصبح أوضح، ويساعد غوغل على قراءته، إلا أن عملية البحث لم تكن ناجحة.
وبعد أن ازدادت شكوكي حول الصورة وهذا المرطبان، عدت إلى غوغل، وكتبت عبارة “شعار عسل – Logo Honey”.
ولسخرية القدر، وجدت الشعار نفسه، طبعاً من دون اسم خنجر، منشوراً إلى جانب شعارات أخرى عن العسل، ومعروضاً للبيع.
من قام بتصميم الملصق ووضعه على مرطبان العسل؟
على الملصق نفسه، كتب “إنتاج طرّاف فارمينغ جوينت”، إضافة إلى رمز بريدي “11 – 2090 بيروت لبنان”.
قد يكون من السهل في بعض البلدان محاولة العثور على العناوين والرموز البريدية للشركات، إلا أنه في لبنان، يكفي أن موقع “ليبان بوست”، الشركة الخاصة التي لزّم إليها عمليات البريد في لبنان، لم يتم تحديثه منذ 2014 (جميع حقوق الموقع محفوظة للعام 2006)، لذا كان من الصعب الوصول إلى طريقة تمكن معرفة صاحب هذا الصندوق البريدي.
ولكن بطريقة عكسية، وعبر البحث عن هذا الرمز البريدي على موقع غوغل نفسه، ظهرت 6 نتائج متطابقة إلى حد ما.
في البداية هناك حساب على موقع “بنترست” باسم “دراجات هارلي دايفدسون لبنان” يشير بتعريفه إلى الصندوق البريدي نفسه، إضافة إلى العنوان التالي “شارع ميشال شيحا، بناية أبي راشد، بيروت”.
كما هناك موقع شركة “دارك سايد” للانتاج التلفزيوني، حيث تشير صفحة “اتصلوا بنا” إلى نفسه رقم الصندوق البريدي، إضافة إلى العنوان التالي “باي لاينر سنتر، شارك ميشال شيحا، بيروت، لبنان”، وفي أسفلها ذكر اسم أحد العاملين بالشركة “مروان طرّاف” بالإضافة إلى رقم هاتفه.
وعن طريق نسخ الرقم ووضعه في خانة البحث على فيسبوك، ظهر في نتائج البحث اسم واحد هو مروان طراف الذي يعرّف عن نفسه بأنه يعمل في “هارلي دايفدسون”.
وعن طريق البحث باستخدام “honey khanjar” وربطها بحساب طرّاف على فيسبوك، استعطت الوصول إلى الصورة التالية المنشورة على فيسبوك وانستغرام، تم ذكر مروان طرّاف فيها، وتظهر المرطبان الذكور، تم تصويره من الزاوية نفسها، ولكن مع خلفية مختلفة.
ويقول مروان في خانة التعليقات “هل أعجبك في نهاية الأمر؟”.
يبقى السؤال الذي لم تتم الإجابة عليه، ما الهدف كان من هذا المنتج المصطنع الذي جعل الناس يسألون عنه ويريدون شراءه؟
حاولت التواصل مع مروان على فيسبوك، وأجاب بالقول “نعم .. هذه العلامة التجارية لي”.
وأضاف: “سيتم إطلاق المنتوجات العسل في مهلة قد تصل إلى الأسبوعين، ونحن الآن في مرحلة الإنتهاء من تصنيع المرطبان، حيث أن النسخة الأخيرة كان بها بعض العيوب وكان لديها تسريب”.