الإسبوع الماضي زرت مدينة طرابلس القديمة، وتجولت في شوارعها القديمة أيضاً التي لم يعتد اهلها على رؤية الغرباء يتجولون بداخلها، يتكلمون بلهجة مختلفة عن ما هم معتادون على سماعه من أهلهم أو أصدقائهم، وأنا أمسيت غريباً على ذاك المجتمع بمجرد أنني حملت جهاز تصوير مترصداً حركة الناس والبناء القديم – الأثري – بالكاميرا.

عندما تزور طرابلس، هناك العديد من المناطق أو الأماكن التي يعتاد السياح على زيارتها، وأغلبها يكون في وسط المدينة، في وقت يتم التغاضي عن الجزء الأكبر من المدينة وبالأخص المدينة القديمة من طرابلس.

لذلك أمضيت فترة بعد الظهر من يوم السبت الماضي متجولاً بداخلها محاولاً أن آخذ نفساً من عبق المدينة القديمة.

إذا اردتم أن تقوموا بجولة لوحدكم في طرابلس، فيمكنكم مشاهدة الخريطة التالية التي وضعتها ولكن نصيحة مني انه يجب عليكم البدء بهذه الجولة باكراً، ولا تنسوا وضع قبعة على رؤوسكم.

عليكم أن تصعدوا إلى منطقة أبي سمراء التي يمكنكم الوصول إليها قبل أن تصلوا إلى ساحة النور حيث يوجد كلمة “الله” كبيرة في الوسط على المفرق المقابل لمبنى الـwooden bakery.

عند الوصول إلى أبي سمراء عليكم أن تركنوا السيارة في أول مكان تلمحوا منه قلعة طرابلس، دون أن تنسوا مسألة مهمة هي انه كلما اقتربتم من القلعة، كلما انخفض إحتمال إيجاد مكان لركن السيارة.

قبل الدخول إلى القلعة لا بأس إن تحاولوا إلقاء بعض النظرات على القلعة من الخارج إذ قد يكون من حظكم ان تروا شخص نصف عار يقف عند نافذة القلعة كما ترون في الصورة 🙂

خلال قيامكم بجولة داخل القلعة وانصحكم بان تطلبوا ان يرافقكم دليل سياحي، إذا لم تطلبوا.. لن يأتي.

عند الإنتهاء من القلعة، عليكم بالصعود على الطريق قليلاً حتى تصلوا إلى مصلى صغير (نقطة ب) يشرف على مدينة الطرابلس “العصرية”. من هناك تأخذون الممر الصغير، حيث هناك طريق للمشاة فقط.

عند الإنتهاء من هذا الممر يمكنكم الإتجاه إلى اليمين حيث تعودون إلى الشارع الرئيسي عند ما يسمى بـ”طلعة الرفاعية” ( نقطة ج) وهو الطريق الذي يخرج من سوق الخضار.

مباشرة امامكم يمكنكم أن تروا درجاً صغيراً تصلون منه إلى بداية شبكة من الطرقات الضيقة وهذا ما يمكن اعتباره مدخل لمنطقة سكنية قديمة متجددة، بعض الأبنية يعود إلى أيام المماليك، حيث بالإمكان مشاهدة ما تم حفره أيام المماليك من زينة على أحجار مداخل المنازل.

في نهاية هذا الخط من المنازل القديمة، يمكن أن تجدوا أمامكم بناء قديم، القسم الأعلى منه مخطط بالأبيض والأسود ويوجد في أعلاه سلسلة حديدة ضخمة (نقطة د)، هذا هو الحمام الجديد.

يمكن إيجاد مجموعة من الصور الفوتوغرافية عن طرابلس القديمة وصور أخرى عن مواقع أثرية لبنانية عامة عند مدخل الحمام الجديد، ولكن إن وجدتموه مغلقاً، فعليكم فقط أن تنظروا إلى الأعلى على يمينكم لتروا يافطة صغيرة معلقة عليها رقم هاتف صاحب الحمام، فبمجرد إتصال هاتفي، قد يأتي هو أو ابنه ليفتح لكم الحمام وتكتشفوا ما يخبئ لكم في الداخل.

لا تدعوا الحمام يغشكم بشكله الخارجي، فالداخل يخبئ لكم غرفاً متعددة وواسعة للإستمتاع بالحمام العربي، إن عادت تلك العادة إلى طرابلس، ولا تنسوا أن تنظروا إلى الزوايا كافة إلى جانب السقف المميز لهذا الحمام.

عند الخروج من الحمام، تتجهون غرباً نحو خان الصاغة ومن ثم خان الصابون، ولكن قبل الإبتعاد كثيراً عن الحمام الجديد، إذا استدرتم إلى الوراء، يمكنكم أن تروا “الجامع المعلق” المعلّق على نفق مدخل الحمام الجديد.

خان الصابون الذي يستقبلكم من داخل سوق الصاغة (سوق الصياغين)، هو خان قديم يحكى أنه كان مركزاً عسكرياً فرنسياً ومن ثم تم تحويله إلى خان سياحي لصناعة الصابون. وصاحب هذا العمل الجميل يدعى بدر حسون بحيث يعمل هو وأبنائه على إعادة الحياة إلى هذا الخان عبر فتح أبوابه امام الناس وبيع منتجات مختلفة من الصابون.

لا تنسوا عند الإنتهاء من الجولة داخل خان الصابون (نقطة هـ) أن تطلبوا هديتكم لكي تحصلوا عليها من بدر حسون نفسه أو من أحد أبنائه، كما لا تنسوا أن تجربوا الجلسة العربية داخل هذا الخان الذي يقدم فيها الخان قهوة قيل لي أنها لذيذة، لانني لا أشرب أنا القهوة 🙂

عند الإنتهاء من خان الصابون، ستتجهون مباشرة إلى ما يسمى بـ”بركة الملاحة” (نقطة و) التي كانت تُملأ في الأعياد بأنواع الشراب، من عصير البرتقال، أو التمر هندي، أو الليمون، أو السوس، ويشرب منها الناس مجاناً لمدة ثلاثة أيام، وأحياناً لمدة أسبوع كامل؛ أما اليوم فهي هناك الباعة يحيطونها من الجوانب كافة.

عند المرور بـ”بركة الملاحة” ستصلون بعد بضعة دقائق إلى “سوق حراج” حيث هناك سترون مقهى، ميزة هذا المقهى – إلى جانب الجلسة الممتعة والخدمة الجيدة – أنه يحتوي على سر عمره عشرات السنوات، سر يزن حوال 450 كلغ، هذا السر هو خزنة، خزنة لديها طريقة مميزة لكي تفتح، هناك عدة مفاتيح، وإذا عرفت كيف تفتح الخزنة لوحدك، صاحب المقهى يعطيك مئة دولار نقداً.

هناك ثلاثة مفاتيح، واحد كبير وإثنان من الحجم الصغير، ستحتاج إلى تلك المفاتيح لكي تفتح الخزنة التي تحتوي بداخلها بعض الأسرار القديمة إلى جانب تمثال صغير وجد قرب المقهى ويحتفظ به صاحب المقهى ليعرضه امام زواره المميزين.

وإذا اردتم الخروج من هذا المقهى، بإمكانكم أن تعودوا أدراجكم أو الخروج من قرب المقهى إلى الطريق الممتدة حول نهر أبو علي (نقطة ز) لكي تصلوا إلى جامع البرطاسي ذات الطابع المملوكي أيضاً، حيث بإمكانكم أن تأخذوا سيارة أجرة للعودة إلى سيارتكم المركونة قرب القلعة لكي تنهوا هذه الرحلة الإستكشافية أو بإمكانكم أن تنسوا أمر السيارة وتكتشفوا المزيد من الامور التي تخبؤها طرابلس بداخلها.

وبالنهاية إذا كتم تتساءلون عن سبب الصورة الأولى على أنها مأخوذة من قناة الـ”سي.أن.أن.” فلأن القناة بحد ذاتها كانت قد بثت على الهواء انها تراسل العالم من طرابلس لبنان، بدل طرابلس ليبيا، ولكنها عادت واعتذرت في وقت لاحق من هذا الخطاً.

هل قرأتم؟

من مطار رفيق الحريري الدولي إلى المركز الكشفي في روما

هل ستعمل بلدية الدامور على تنفيذ مطلبي؟

مبعاج..مخبأ للجمال اللبناني