لبنان لديه نظام سياسي، هذا النظام مستمد في إتفاق وقّع في مدينة الطائف السعودية عام 1989. المادة الاولى من هذا الإتفاق فقرة (ج) تنص على أن لبنان “جمهورية ديمقراطية برلمانية، تقوم على احترام الحريات العامة، وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد، وعلى العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أو تفضيل”.
أما على الساحة اللبنانيّة فنرى إضافة إلى تمتع رجال الدين كافة بالنفوذ السياسي، الظاهر وغير الظاهر، يمكن ملاحظة فرز طائفي ومذهبي على كافة الأراضي اللبنانية، وهذا الفرز ظهر في العديد من السنوات التي تلت توقيع إتفاق الطائف أعنفها، ولعله من أكبر الأزمات السياسية التي انتجها النظام الطائفي في لبنان كما يشير إليها المحللون السياسيون، هي أحداث السابع من أيار 2008، عندها انقسم اللبنانييون بشدة بين المذهبين السني والشيعي، وتخبطت الديانة المسيحية بين المذهبين المذكورين.
تبعات هذا الأمر لم تكن فقط على مستوى الاحزاب السياسية، بل أيضاً على الشباب اللبناني فقد أظهر الواقع ان أكثرية هؤلاء الشباب كانوا من ضمن المنظومة الطائفية للأحزاب السياسية، وبذلك اعتكف من يعتبرون أنفسهم بعيدون عن تلك المنظومة عن الظهور وأبقوا على أفكارهم وآرائهم لأنفسهم مما جعلهم يدخلون ما يعرف بالنظرية الألمانية المسماة بـ“دوامة الصمت” للعالمة السياسية اليزابيث نوال نيومان.
اليوم يبدو أن اعضاء نادي “دوامة الصمت” قد بداوا بالخروج من قوقعتهم ليظهروا
علناً أمام جميع الناس والعالم ويقولوا كلمتهم بأنه طفح الكيل من النظام الطائفي ويريدون دولة مدنية علمانية ديمقراطية ونظم وقوانين للأحوال الشخصية المدنية كما مبادئ اساسية أخرى مثل التخلص من الفساد، والتوريث السياسي، والمطالبة بحرية السياسة والإجتماعية والمعتقد.
فيديو من إعداد محطة “الجديد” عن إستخدام مواقع التواصل الإجتماعي:
بغض النظر عن التحضيرات التي كانت تجري على مواقع التواصل الإجتماعي – أشهرها الفايسبوك- للإعتصام، لا يخفى على أحد بأن التغطية الإعلامية للحدث بحد ذاته، وهنا نتكلم عن المظاهرة لإسقاط النظام الطائفي في لبنان، لديها وقعها أيضاً على الساحة الداخلية والخارجية للبنان. ولكن المشكلة تكمن في أن وسائل الإعلام اللبنانية (محطات التلفزة، محطات الإذاعيّة، الجرائد والمجلات) تقع جميعها ضمن نطاق النظام الطائفي، لذلك لا يمكن الإعتماد على تلك الوسائل الإعلامية لإيصال الفكرة الواضحة والصريحة عن تلك التحركات.
وعلى رغم وجود مراسلين لبعض الوسائل الإعلامية اللبنانية خلال المسيرة التي تم الدعوة إليها في 27 – شباط 2011 إنطلاقاً من كنيسة مار مخايل إلى ساحة العدلية (مقابل وزارة العدل) في بيروت، إلا أن كل وسيلة إعلامية قاربت الموضوع من ناحيتها السياسية، الدينية، المذهبية والطائفية، ولم تركز كثيراً على مبادئ المسيرة والتحركات. بعض المراسلين سجلوا لقطات فيديو من المسيرة ولكن لم تبث تلك المشاهد على التلفاز بينما البعض الآخر حوّر المسيرة لتكون قريبة من إلتزامات الوسيلة الإعلامية سياسياً (ظهور منسق قطاع الشباب في تيار المستقبل وسام شبلي، بصفة سياسية، على شاشة محطة المستقبل مشاركاً في مظاهرة التي لا لون سياسي لها، وقد صدر عن المنظمين للمسيرة بياناً نددوا الظهور الإعلامي للمسؤول السياسي).
هذا الامر انتبهت إليه بعض المحطات الإخبارية الفضائية، وفضلت التعاطي مع تلك المظاهرة بنفس طريقة المظاهرات العربية المجاورة، على الرغم من وجود حرية إعلامية في لبنان وغياب الرقابة الفعلية عن ما ينشر في الإعلام. فقد لجأت وسائل الإعلام إلى مراقبة ما ينشره الناس على مواقع التواصل الإجتماعي مثل موقع الفايسبوك، الذي يلقى رواجاً في لبنان أكثر من المواقع الاخرى، لمراقبة جميع الأحداث والتطورات الجارية التي نشرها عامة الشعب على الإنترنت، وغالبيتهم من المشاركين في التحركات الإحتجاجية، لتكون التغطية الإخبارية مأخوذة من الناس مثل صفحة “الشعب اللبناني يريد إسقاط النظام الطائفي” وغيرها من الصفحات مباشرة محولةً بذلك رسالة “الإعلام” من الوسيلة الإعلامية إلى الوسيلة الإعلامية المجتمعية.
على سبيل الذكر ولا الحصر، ننشر في الأسفل مقطع من فقرة “أصوات الشبكة” من قناة “فرانس 24” التي نشرت تقريراً عن الحملة المذكورة أعلاه من خلال ما نشره الناس، ونخص بالذكر أنه تم التواصل معي لإعطائهم الإذن بأخذ بعض الصور التي التقطتها عدستي للمظاهرة لكي يتم نشرها على التلفاز:
Related Articles
- مصر تُخرس الإعلام وتفشل في إخراس المصريين (ghazayel.wordpress.com)
One reply on “عندما يخرج أعضاء النادي للمطالبة بتغيير النظام”
نافذة February 16, 2012 at 2:22 pm
[…] عندما يخرج أعضاء النادي للمطالبة بتغيير النظام […]
Comments are closed.