سنحت لي الفرصة لإجراء مقابلة مع الرجل الذي يعتبر أن لديه ما يشكل جزء من الحل لمشكلة إنخفاض مستوى إستعمال اللغات غير الإنكليزية على “تويتر” بشكل خاص والإنترنت بشكل عام، مما يساعد بنظره على إعادة إحياء اللغات المعرّضة لخطر الإختفاء والإنقراض.
البرفسور كافين سكانل من جامعة القديس لويس الأميركية كان قد أعلن في السابع عشر من آذار عن إطلاق مشروع اسمه “انديجينوس تويتز” الذي يحدد اللغات التي تعتبر أقلية الإستخدام والتي تنشر على موقع “تويتر” كما يحدد من يستعملها وبأي طريقة.
س: كيف استطعت الوصول إلى فكرة إقامة هذا المشروع على الإنترنت، وكم من الوقت لزمك للإعلان عن الموضوع ووضعه بتصرف الناس على الإنترنت؟
ج: تلقيت رسالة إلكترونية منذ قرابة الشهر من صديقي اسمه جان كيم بولارد من هاييتي، كنا نعمل سوياً على تطوير برامج تعمل وتكون متاحة للإستخدام بلغة “كريوول” الهاييتية منذ قرابة السنتين، وطلب مني إن كان باستطاعتي تجميع كل ما ينشر بلغة “كريوول” على موقع تويتر لتسهيل العمل على تطوير برنامج تدقيق لغوي لهذه اللغة.
كان لدي البرنامج الأساسي لتجميع ما ينشر على تويتر منذ قرابة اسبوع، وبسرعة كبيرة استطعت رصد أكثر من 100.000 حالة تم استخدام فيها لغة “كريوول”. الخطوة الثانية التي استعطت العمل عليها هي برصد لغات اخرى كنت أعمل عليها ايضاً ومن ثم ارتأيت أن هذه المعلومات قد تكون مهمة وقيّمة لمن ما زالوا يستخدمون هذه اللغات المعرضة للإنقراض، كطريقة للتعرف على بعضهم البعض وإبقاء هذه اللغات متداولة بين الناس وعلى الإنترنت. ولم يأخذ الأمر أكثر من ثلاثين يوم من العمل المتواصل حتى تم الإعلان عن الموقع الإلكتروني لهذا المشروع.
س: ننشر على موقع تويتر لأننا نريد أن نشارك معلومات نمتلكها ولأننا نريد الحصول على القليل من أضواء الشهرة، وأفضل طريقة للوصول إلى ذلك يكون عن طريق استخدام اللغة الإنكليزية، لغة مستخدمة بشكل كبير وواسع في العالم، فلماذا نريد التركيز على لغات لديها عدد صغير من المستخدمين؟
ج: الناس ينشرون على موقع “تويتر” لألف سبب وسبب، ولجماهير مستهدفة مختلفة. في إحدى المستويات، يفضل الناس استخدام لغتهم الأم مع العلم أنهم يجيدون استخدام أكثر من لغة (حتى لو كان يعني هذا الأمر الحد من انتشار رسالتهم)، فقط لأن اللغة التي يستخدمونها هي أكثر طلاقة من لغة أخرى لديهم، ويستخدمونها للتواصل مع أصدقائهم واعضاء عائلتهم. وهذا الأمر ينطق على اللغات كافة، إن كان نطاق استخدامها صغير أم كبير.
ولكن إذا وضع الأمر في إطار اللغات المعرضة للإنقراض هناك ما هو أكثر مما ذكر.
إذا قرر كل شخص يستخدم اللغة العربية تبديل لغة النشر على الإنترنت باللغة الإنكليزية أو الفرنسية، أعتقد انه لن يكون هناك أي تأثير سلبي على مستوى وموقع اللغة العربية بشكل مؤثر، فهناك مئات الملايين من المتحدثين باللغة العربية وجزء لا بأس من هؤلاء الناس ينشرون على الإنترنت موادهم باللغة العربية، وكما يبدو مدونتكم أيضاً، ولا يبدو أن هذا الأمر قد يتغير في المستقبل القريب.
ولكن بالنسبة لللغات أمثال اللغة الإيرلندية أو لغة الهاواي أو لغة الأوجيبوي، فعدد الناس الذين يستخدمون هذه اللغات يقدر بالمئات أو بالألوف، وإذا لم تكن تلك اللغات مستخدمة دائماً على الإنترنت ويتم ترويجها بشكل فعال، فستكون فرص نجاتها من النهاية شبه معدومة والأمر سيان على الثقافة التي تحوط تلك اللغات ما يعتبر كخسارة كبيرة على صعيد الثقافات في العالم.
سواء كان فقدان تلك اللغات والثقافات امراً يستحق الأخذ والرد بشأن إهتمام الناس المتحدثين باللغة الإنكليزية أو العربية بهذا الأمر، (واعتقد انه يجب إيلاء الموضوع الإهتمام المطلوب)، ولكن بكل الأحوال، هؤلاء الذين يتحدثون باللغات المعرضة للإنقراض يهمهم أن يروا آلية ما تحفظ تلك اللغات وتجعل من استخدامها متداولاً وسهلاً، وهذا سبب كافٍ ووافٍ لإستخدامنا لتلك اللغات على الإنترنت.
س: كيف يمكن لهذا المشروع المساعدة حيث فشلت المنظمات الدولية في إعادة إحياء تلك اللغات؟
ج: في بادئ الأمر لا بد لي من القول أن “انديجينوس تويتز” وغيره من البرامج التي عملت عليها شخصياً ليس سوى جزء صغير وبسيط جدً من عملية إعادة إحياء اللغات. لذا أعتقد أنه بغض النظر عن أهمية هذا المشروع والمشاريع التي تماثله، لا يستطيع مشروع واحد على حماية اللغة. خلال المحاضرات التي اعطيها في الجامعة، غالباً ما اقول للحضور “إن أهم شيء يمكن فعله لإعادة احياء اللغات هي بانجاب الأطفال وتعليمهم إياها”.
سؤالك هذا يسلط الضوء على شيء آخر اساسي في عملية إعادة إحياء اللغات وهي أن العملية لا بد أن تبدأ من القاعدة حتى الأعلى، أي من مستخدمي تلك اللغات أنفسهم، على سبيل المثال المدرسة الإيرلندية “غايالسكويل” التي انشأت منذ حوالي 20 عاماً من قبل أهالي كان لديهم شغف بتعليم أبناؤهم اللغة الإيرلندية والأمر ينسحب أيضاً على نيو زيلندا ولغة الـ”ماووري” وفي الهاواي أيضاً.
س: ألا تظن أن وجود مشاريع وبرامج للترجمة الفورية قد تساعد أكثر على إنتشار ما ينشر على التويتر أكثر من إشهار الشخص الذي ينشر باللغات المعرضة للإنقراض؟ على سبيل المثال فإن الترجمة الفورية ساعدت على حدوث تغيرات سياسية في كل من مصر وتونس وغيرها من الدول العربية على توسيع نطاق إنتشار اخبار الأحداث الجارية هناك.
ج: أنا مؤيد كبير للترجمة الفورية، ويقع هذا ضمن مجالات أبحاثي أيضاً. وكلامك صحيح جداً لأن الترجمة الفورية الآلية العالية الدقة لللغات المعرضة للإنقراض إلى اللغة الإنكليزية يتيح للناس بكتابة ونشر موادهم بلغتهم الأم سامحاً في الوقت عينه بالولوج إلى جمهور أكبر مما يجعل هذا الأمر خطوة كبيرة إلى الأمام.
س: ما هي رتبة اللغة العربية بحسب المشروع لديك وكيف ترى مستوى اللغة؟
ج:لم أجرب قط الدخول إلى ما هو منشور باللغة العربية، ويعود سبب ذلك بطبيعة الحال إلى أن هدف مشروعي هو إلتقاط كل شيء يتم نشره على تويتر بهذه اللغات الصغيرة، وهناك حجم كبير من التبادل بالمعلومات في اللغة العربية إلى حد ليس لدي الآن إمكانية لرصده كله.
س:هل هناك اي خطط مستقبلية لمشروع “انديجينوس تويتز”؟ ربما بوابة جديدة لوسائط التواصل المجتمعي الأخرى مثل الفايسبوك المستخدم بشكل أكبر؟
ج: ما أريده فعلاً الآن هو توسيع نطاق العمل ليشمل عدد أكبر من اللغات، بحيث أن العدد الآن لا يتعدى الـ500 لغة فقط باستخدام وسائل إحصائية http://borel.slu.edu/crubadan/stadas.html
هي مجرد مسألة إيجاد أشخاص ينشرون وهم يستخدمون هذه اللغات على التويتر، أو على الأقل تشجيع هؤلاء على النشر بتلك اللغات.
وكان يجول خاطري فكرة تجربة شيء مماثل على المدونات أيضاً للحصول على لائحة باللغة التي ينشر فيها المدونون. وهذا قد يكون من السهل إنشاؤه بسبب وجود أكثرية هذه المعلومات مفتوحة أمام الناس واعتقد أن برنامج التعرف على اللغات سيعمل بشكل أفضل مع وجود جمل أكبر من مجرد 140 كبسة على لوحة المفاتيح.
أظن أيضاً ان الفايسبوك مهم جداً، ولكن الواقع أن وجود عدد كبير من الناس الذين يرفعون من مستوى الخصوصية لديهم يجعل مسألة رصد اللغة المستعملة شيء صعب.
صورة مأخوذة من موقع البرنامج على الإنترنت
Related Articles
- Twitter: my window on the world (malbell.wordpress.com)