ارتفعت في الآونة الأخيرة العديد من الأصوات التي تنتقد طريقة تعامل جريدة النهار اللبنانية مع الأخبار التي يمكن نشرها.
وعلى الرغم أن جريدة النهار لا تزال تشير بوضوح إلى التفرقة “الشكلية” بين الجريدة المطبوعة وموقع جريدة النهار على شبكة الإنترنت، إلا أنه لا يمكن أبداً فصل السياسة التحريرية بين الموقع من جهة والمطبوعة من جهة أخرى.
وفي حين لم تكتفي إدارة جريدة النهار بنشر الأخبار الجنسية، على الرغم من كونها إعلامية – ربما-، ولكن تبقى في ذهن الناس بعيدة عن خط الجريدة التحريري الذي تعود عليه القراء طوال السنوات الماضية، بدأت الجريدة تتبع نمطاً جديدة من الأخبار، يستغل المكانة التي وصلت إليه الجريدة، من أجل رفع مستوى الموقع الإلكرتوني التابع لها من ناحية أعداد الزوار – وليس بالضرورة القراء-، بحيث بدأت مكانة جريدة النهار تنحدر شيئاً فشيئاً حتى وصلت إلى مرتبة لا صدقية لها، ولا يمكن حتى اعتمادها كمرجع، بعكس ما كانت عليه الجريدة، كسمعة على الأقل، في الماضي.
ربما يكفي اليوم النظر إلى الأخبار التي يتم تداولها على الموقع، وتعليقات الناس، لا بل هناك علامات وسم (هاشتاقات) أطلقت تجاه جريدة النهار تدعو لإنقاذها، إنقاذها من هذا التدهور الذي تقع فيه كل يوم أكثر وأكثر، بحيث باتت تريد التركيز على عدد القراء وزيارات الموقع، وبالبطبع لأسباب مادية / إعلانية، على حساب كل ما وصلت إلى الجريدة على الصعيد اللبناني والعربي والإقليمي حتى.
أتذكر أنه في صباح 18 حزيران من العام الحالي، صدمت.. نعم صدمت بما كنت أقرأ في الموقع، إذ أن ابنة جريدة النهار تنتقد الوضع الذي وصل إلى الإعلام الإلكتروني في لبنان.
كتبت آنذاك ميشيل تويني، ولا أزال أشعر بالصدمة حتى اليوم.
“قارئ الخبر العاجل، الذي تكفيه فقط “كبسة زرّ” لكي تصله المعلومة، مأخوذ بالسرعة ويتناول الأخبار من دون تدقيق او تحليل، وفي شكل ببغائي أحياناً، مما يجعله مجرد سلعة تحركه وسائل الاعلام والتواصل، فتأسره عبر عناوين جاذبة ومثيرة، تستدرجه لقراءتها، رغم كون معظم الاخبار سخيفاً ومن دون محتوى. السبب؟ انه في عصر السرعة، لا وقت لكتابة معمقة، والجميع في سباق لاهث وراء الخبر، بل السبق الصحافي على حساب النوعية والصدقية والحرفية المهنية”.
أنا لم أتعرف يوماً على ميشيل تويني شخصياً، وكنت قبل أن أقرأ كتاباتها أعتبرها على شاكلة نايلة تويني، إن كنتم لا تزالون تتذكرونها.
ولكن نعم، أنا أقف إلى جانب ميشيل، وأشدد على كلماتها بأن بعض وسائل الإعلام، وهنا يمكن الإشارة بسهولة إلى جريدة النهار، لاهثة وراء السبق الصحافي على حساب النوعية والصدقية والحرفية المهنية، كيف؟
ربما لا يمكن اليوم تعداد كل ما يمكن وصفه بـ”اللهث وراء السبق على حساب الصدقية” بسبب كثرة الأخبار التي تنشرها النهار التي يجدر بها أن تكون نموذجاً في عالم الصحافة، إلا أنه ما أغضبني اليوم هو خبر بسيط، تكاثر على المواقع الأخرى، كما على حسابات العديد من الأشخاص على موقع التواصل الإجتماعي.
خرج أحدهم على موقع توتير، وقال التالي “هل تظنون بأن الخلافة تنتهي باسشهاد الخليفة؟ نطمئن الأمة بأن أميرها أبو بكر البغدادي بخير ولله الحمد ادعوا له بالشفاء العاجل”، هذه التغريدة التي نشرها حساب يدعي بأنه “أبو محمد العدناني”، وصفته جريدة النهار بسرعة في خبر عنوانه “البغدادي اصيب…واليكم الدليل“، بأنه “الناطق الاعلامي باسم “داعش” في خبر نشرته اليوم من دون أن تشير إلى إمكانية كون الحساب مزيف.
https://twitter.com/Al_3dnani/status/531480785795436544
نشرت النهار اليوم الخبر، وأصبح على لسان الجميع، وأغلب الناس يشيرون إليه بالقول “قرأناه على جريدة النهار!”، وهذا ما وصلني على تطبيق واتسآب.
لا بل أضافت الصحيفة على هذه التغريدة معلومة بأن “اعتبر بعض المراقبين أن هذا التصريح يؤكد أن البغدادي أصيب في غارة للتحالف الدولي أمس في القائم بالأنبار”.
لا أدري على أي أساس اعتمدت الصحيفة على هذه التغريدة من أجل نشر هذه المعلومة، هل هو على محتواها، هل على عدد المتابعين للحساب هل هو على بيان من التنظيم يعلن عن هذا الحساب؟، وعلى أي أساس تم إعطاء هذه التغريدة أهمية أكثر من ما يمكن أن يناله أي حساب يدعي بأنه تابع لتنظيم الدولة الإسلامية أو أي تنظيم آخر، والأمر سيان بما حصل مع حساب ادعى أنه “تنظيم أحرار السنة في بعلبك”، هل تذكرون تلك القضية؟، وكيف انتهت؟، ومن كان خلف الحساب؟.. لا أحد، مجرد شاب متهور انتابته أفكار نابعة منا لوضع اللبناني المغزي للطائفية والمناطقية، ووجده الإعلام اللبناني سبقاً صحفياً من دون التأكد من هوية الحساب وحقيقة التغريدات التي ينشرها.
وهنا لا بد من التنويه إلى مبادرة أقوم بالعمل عليها مع مجموعة من المدونين والمدربين على مواقع التواصل الإجتماعي اسمها “تأكد”، والطريقة التي تعمل عليها من خلال التأكد من الأخبار التي تنشر في الصحف والمواقع الإلكترونية.
وبالعودة، ربما قد تحاول صحيفة النهار تبرير هذا الخبر عن “الناطق الإعلامي” لتنظيم داعش، بأنها وضعت المصدر “تويتر” أسفل الصورة، إلا أنه لا يمكن نكران بأن الخبر البارز والظاهر للعيان بشكل أكبر هو خبر داعش وليس المصدر.
وفي حين تحاول التنظيمات التكفيرية نشر أخبارها وجرائمها قدر الإمكان، تتحول وسائل الإعلام إلى ذراع إعلامية لهذه التنظيمات وتصبح داعشية في حب نشر الأخبار أكثر من تنظيم داعش نفسه.
5 replies on “جريدة النهار انتهت.. وإليكم الدليل”
elias el barrag dr. November 9, 2014 at 10:15 pm
Ba
Sent from Samsung Mobile
jim Masri April 24, 2015 at 1:18 pm
فكرة اكثر من صائبة قد نعيد الى الصحافة الالكترونية المصداقية. لكن من المهم ايضا اقناع القارئ بأن الثقافة والحضارة تقضي بأن نقرأ المهم ونغض الطرف عن عوامل الاثارة
غزيّل January 28, 2016 at 12:39 am
على الرغم من الجو السائد في الصحافة اللبنانية والعربية عموماً إلا أن هناك بعض التجارب التي تظهر عليها القيمة والجهد الحقيقي.
ولكن للأسف، فإن النمط السائد يغطي على تلك التجارب الناجحة ولا ندري بها بسهولة.
حجار توفيق December 17, 2015 at 11:12 pm
احترمات والتقدير الى الصحافة الجزئري وكل البة ادعي ام بعد تريد سائل عن الصحافة الجزئري وعن العشرية السوء هي كان اناس ينتمان الى الجمعة الارهابية وتم تعلق الدخل الجهزمختلف المؤسسة الدولة لاونشر الدعية الهدم لجيش الوطني الشعبي وتفكيك القايدة حجار رئيس امن الجيش القظائي تبع لشرطة عسكرية دخل المؤسسة من هؤلائي اناس نشر اولدهم على مستو جهز الدولة الجزئري واصبح يحكم بحكم نهئي في السلطة الجزئري سوء في جهز الدرك وسوء في جهزامن العمومي الملاحظ يجب لسلطة عسكري او المدنية مرقب عن هؤلءيناس في جدول البحت الدنهم دخل جهز الدرك اوشرط يعريف مصر هدوناس دخل سلطةالمدنية والعسكري
غزيّل January 28, 2016 at 12:36 am
سيد حجار، أنا لا أدري ان كنت انتهبت إلى مسألة أن الجريدة المذكورة هي النهار اللبنانية، في لبنان، ولا علاقة بالموضوع المذكور أعلاه بالجزائر لا من قريب ولا من بعيد.
Comments are closed.